بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) صدق الله العظيم.
هناك جماعه ألتقيت بهم في أدوار شبابي كان جهادهم لله. وقد أحسنوا مع أنفسهم أذ أحسنوا مع ربهم (وأن الله لمع المحسنين) كانت تلك الزمرة من الشباب الذي أنشأ متطلعاً الى العلم والأدب والفضيله. في جو هادئ. تسوده الوداعه والحب للمجتمع. والدين لله. والأخلاص للأصدقاء. هكذا كان شعار زمرة أعضاء جمعية الرابطه الأدبيه في النجف الأشرف. يوم أن غرست بذرتها. فنمت وأينع زهرها.
كان أعضاء جمعية الرابطه قد أمضوا فترات من حياتهم. يزاولون الأدب. وينهلون من مناهل الحضاره والثقافه. فلم يتلهوا بما يتلهى به الناس من الأساليب الأجتماعيه أو السياسيه أو الماديه. ماكان أنصرافهم ألا الى العلم. والى الأدب. والى الفضيله. بذلك رفعوا صوت النجف عالياً. فأرتفع صوت العراق بأرتفاع صوت النجف. كان صوتهم يمثل صوت العلم والأدب والفضيله. كانوا يحسون بما يحس به الشباب من الذين شاء لهم الله سلوك سبيل الأستقامه والمحبه وخدمة الصالح العام. كان أعضاء جمعية الرابطه – التي تأسست حوالي سنة 1932م – يضمهم ناد سمي بنادي جمعية الرابطه. وقد واكب فقيدنا الخليلي جميع الأدوار التي مرت بالرابطه. فكان من الأعضاء المؤسسين حين لم يكن يتحسس بهذا الواجب ألا القليل من الناس. وواكبها أدراياً فأنشأ لها مكتبة كان لها الذكر الحسن والتنظيم المتقن في خدمة الثقافة العامه والأدب الرفيع. وهي لاتزال عامرة. منسقه. بفضل أدارة الفقيد. وأخلاصه كمدير للأدارة وأمين للمكتبة ومن ثم كسكرتير للرابطه. بعد أن أنتقل الى بغداد السكريترون السابقون:
الأستاذ. صالح الجعفري. والأستاذ. محمود الحبوبي. وعلي الصغير. وفي كل هذه العهود الثلاثه. كمؤسس. وكأمين للمكتبه. وكسكرتير للرابطه. كان مثالاً للرجل المجد الصالح. وعنواناً للأخلاقوالفضيله. فترك في نفوس عارفيه أثراً كبيرا وخلف في الجمعيه وفي البلد من المآثر مالايمكن أن تمحوه الأيام.
وبالأمكان تقسيم حياة الفقيد الخليلي الى ثلاثة أدوار:
دور الشباب وهو يتطلع الى العلم وينهل من مناهل الأدب. فيحضى بالأعجاب والتقدير.
وفي الدور الثاني برزت شاعريته فأستلفت بذلك اليه الأنظار.
وفي دوره الثالث كان طبيباً. وللمجتمع منه في هذا الدور نصيب كبير.
كان الفقيد أديباً عقائدياً فاضلاً. كتب كثيراً في سبيل المبدء والعقيده و الدين. من ذلك كتابه في شرح التوحيد المفضل. هذا الكتاب النفيس النادر. حيث أستطاع أن يحلل فيه رموزه من دينيه وأخلاقيه وطبيه وتربويه. وله كذلك ( القرآن والطب الحديث) و ( طب الأمام الصادق). وله أيضاً كتابه الجليل ( معجم أدباء الأطباء) وهو في نظرنا كتاب كانت تفتقر اليه المكتبه العربيه.
أما من حيث خلقه الرفيع. فقد قضينا معه فترة من الحياة كانت ألذ وأجمل فتره يمكن أن يقضيها أنسان مع صديقه. شاباً وشيخا. لاتغرب الأبتسامه عن ثغره. ولاتكاد تسمع منه غير الأدب الظريف والنادره الضاحكه.
ما علمت عليه مجانبة لحق. ولا تباهي بخلق. دعى الى الفضيله والأخلاق وحث على التمسك بهما.
كثيرون أولئك الذين عرفوا المرحوم الشيخ محمد الخليلي. ولكن قليل منهم من فهموه كل الفهم لقد زامناه نحن أعضاء جمعية الرابطه زمناً ينيف على 36 عام لم نرى منه سوى الصديق الوفي والأخ المخلص في الحدود التي أوحى الله تعالى بها ( أنما المؤمنون أخوه). ولست أغالي أن قلت أن اليه يعود الفضل في بقاء كيان جمعية الرابطه. فعندما كان يحتدم النزاع الأدبي والخصام بين الأعضاء أو المنتسبين كان الخليلي هو واسطة العقد ولم الشمل. وعلى يديه كانت تنفرج الأزمه وتنكشف الغمه.
وأنا أذ نشكر جمعية الرابطه على أحيائها ذكرى فقيدها الغالي. أحد مؤسسيها. فندعوا الله سبحانه وتعالى أن يوفق أعضائها العاملين. وأن يتغمد الفقيد الراحل برحمته ا لواسعه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بغداد علي الصغير.......................